بسم الله الرحمن الرحيم
لا نغفل جميعاً أننا نعيش حالياً عصر الإعلام الجديد في ثورة المعلومات، وسرعة انتشارها محلياً وعالمياً؛ حيث يتسابق الزمن، وتتسارع الأحداث. أصبح كل فرد منّا إعلامياً في خاصته، ومحيطه؛ حيث يملك جهازه الذكي المتصل بالمواقع الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي، وبضغطة زر منه يتم نقل الصور والأحداث والقصص والمواقف في لحظات. الكل يُجزم بروعة هذا التطور في جوانب عديدة، كإيصال صوت الأفراد البسطاء للمسؤولين، أو حتى فضح أخطاء بعض المسؤولين في تصرفات غير منطقية. ولا ننكر أيضاً سلبيات هذا التطور في محيط الفرد الأسري والاجتماعي.
لكن.. كل هذا جميل، ويهون، ونجده فعلاً "رحمة" أمام كثير مما يحدث حالياً في برنامج الـ"KeeK". لمن لا يعرف الـ"KeeK" فهو تطبيق يتم تحميله على الأجهزة الذكية، شبيه ببرنامج اليوتيوب، يختص بالتدوين المرئي، ويتيح نقل ومشاركة مقاطع الفيديو القصيرة، التي لا تتجاوز 36 ثانية، إلى شبكة الإنترنت وبين المستخدمين. بحسب تقرير عملي حديث صادر عن مركز مدار للأبحاث والتطوير فقد احتلت المملكة العربية السعودية المرتبة الأولى عالمياً في استخدام الموقع، كما احتلت المرتبة الثانية – بعد الولايات المتحدة الأمريكية - في زيارة هذا الموقع!
الهوس ببرنامج الـ Keek كشف حقيقةً عن العجب العجاب فيما تكتنزه جوالاتنا أو مواهبنا الشخصية؛ فبنظرة تصفح سريعة تجد أن معظم المقاطع لا تحوي أي فكرة مفيدة، أو تقدم معلومة جميلة، أو حتى ترفيهاً بريئاً.. معظمها - للأسف - يحمل خواء فكرياً وروحياً كبيراً يعيشه معظم شبابنا.. فهذا الشاب "يتميلح"، وهذه الفتاة تستعرض في إظهار جسمها، وترقص بلا خوف من الله أو خجل، بل حتى الأطفال وكبار السن تم الزج بهم فيه؛ فدخلوا في حروب وردود كلامية على أشخاص آخرين في مقاطع أخرى، وازداد المتابعون للمشاهدة والاستمتاع واللهفة لمعرفة نهاية هذا الردح الـ"كيكي"!!
نجد أن معظم المقاطع إما تافهة أو ثقيلة الدم أو خاوية أو حتى قذرة، لم يحترم صاحبها نفسه أو المستخدمين الآخرين بإرسال هذه المقاطع إلى برنامج يتصفحه الكبير والصغير والفاهم والجاهل.
رغم أن مجتمعنا إسلامي، ومحافظ، لكن ما يعرضه برنامج الـ Keek يعكس بنسبة كبيرة مخالفة الواقع الفعلي الذي نراه في حياتنا الواقعية، وحتى المستقبل المأمول من شبابنا.. هل تم ويتم استخدام هذا البرنامج كمُتنفس من ضغوط المجتمع أو الأسرة حتى هوى بنا إلى درجة سطحية وخواء كبيرة؟ هذا الواقع يؤكد أنه بمجرد حصول بعض الأفراد على أي فرصة يتم استغلالها في إظهار الغباء والاستخفاف والتفاهة بل حتى كشف أخطائهم وفضائحهم التي سترها الله لهم، وقد يكون هذا كله بسبب الرغبة في الحصول على الشهرة حتى وإن كانت سلبية!
لا يفوتني هنا إلا أن أشيد ببعض النماذج الرائعة التي استخدمت هذا البرنامج بشكل إيجابي، يشرفها ويشرفنا جميعاً، وأتمنى تطورها واستمراريتها.. وكلي أمل أن يعي شبابنا أن التدوين المرئي لا يعكس صورة الفرد فقط، بل يعكس صورة شاملة عن المجتمع كله؛ لذلك أرجو من الجميع أن يفهم كيفية تسخير هذه التقنية بشكل جميل، يعكس سمو فكرهم الشخصي، بل حتى سمو دينهم، ووطنهم، وأسرهم؛ حتى لا "يضحك" العالم علينا!