السلام عليكم ورحمة الله
سئل: الشيخ الحافظ أبو العباس أحمد بن قاسم القباب من أيمة فاس عن حكم الدعاء إثر الصلاة.
فأجاب: رحمه الله بما نصه:
الحمد لله. الجواب وبالله تعالى التوفيق أن الذي عندي ما عند أهل العلم في ذلك من أن ذلك بدعة قبيحة. ولو لم يتّق منها إلا هذا الواقع من أن من ترك ذلك يرى أنه أتى منكراً وينهى عنه, وذلك من علامة الساعة أن يصير المعروف منكراً والمنكر معروفاً.
وقد أخرج مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سلَّم لم يقعُد إلاَّ ما يقولُ اللهُمَّ أنت السلام ومنك السلام تباركتَ ياذاَ الجلالِ والإكرام.
وأخرج البخاري من حديث أم سلمة أنه صلى الله عليه وسلم كان يمكث إذا سَلَّمَ بَمكانه يسيراً. قال ابن شهاب حتى ينصرف النساء فيما نرى.
وروي عن أنس رضي الله عنه في غير الصحيح قال: صَلَّيتُ خلف النَّبيّ صلىّ الله عليه وسلم فكان ساعةَ يُسلمُ يقوم, ثُمَّ صليتُ مع أبي بكر فكان إذا سلم وَثَبَ كأنَّهُ على رضفةٍ يعني الحجرَ المحمِيَّ.
وقد عد الفقهاء قيام الإمام من موضعه ساعة يسلم من فضائل الصلاة.
وقال مالك في المدونة: إذا سلَّم فليَقُم ولا يقعد إلا أن يكون في سفر أو في فنائه.
ونقل ابن يونس عن ابن وهب عن خارجة أنه كان يعيب على الأيمة قعودهم بعد السلام, وقال كانت الأيمة ساعة تسلم تقوم.
وقال عمر رضي الله عنه: جلوسه بدعة.
وقال ابن مسعود: لأن يجلس على الرَّضفاء خير له من ذلك.
ونقل الفقهاء في توجيه استحباب السرعة في القيام له أن جلوسه هنالك يدخل عليه به كبر وترفُّع على الجماعة وتزين في إنفراده بموضع عنهم يرى به الداخل أنه إمامهم. وأما انفراده به حال الصلاة فضرورة. فإذا كان هذا في الانفراد بالموضع فكيف بما انضاف إليه من تقدمه إياهم للتوسل به في الدعاء والرغبة وتأمينهم على دعائه جهراً. ولو كان هذا حسناً لفعله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه. ولم ينقل ذلك أحد من العلماء مع تواطئهم عن نقل جميع أموره حتى هل كان ينصرف من الصلاة على اليمين أو على اليسار.
وقد نقل ابن بطال في شرح البخاري عن علماء السلف من انكار ذلك والتشديد فيه على من فعله ما فيه كفاية. ونقل عن أربعة من التابعين جوازه في الأمر يحدث من قحط أو خوف ونحوه من ملم.
ومن العتبية سئل مالك عن قيام الرجل بعد فراغه من الصلاة يدعو قائماً قال ليس هذا بصواب ولا لأحد أن يفعله.
من كتاب: المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى أهل إفريقية والأندلس والمغرب